كمال الميساوي رئيس الائتلاف التربوي التونسي المجلس الأعلى للتربية والتعليم مكسب وطني مهم لكن بعض فصول قانونه تحتاج للمراجعة والتعديل

تزامنا مع انطلاق السنة الدراسية 2024 / 2025, صدر بالرائد الرّسمي عدد

113 لسنة 2024 المؤرخ في 17 سبتمبر 2024 المرسوم عدد 2 لسنة 2024 المؤرخ
في 16 سبتمبر 2024 والمتعلق بتنظيم المجلس الأعلى للتربية والتعليم منهيا
بذلك فترة الترقب التي طال أمدها لتحقيق مطلب طالما نادى به كل المهتمين
بالمنظومة التربويّة العموميّة التونسية.

وسعت إلى تجسيده أجيال متعاقبة من قوى المجتمع الوطني الحيّة وفي
مقدمتها النقابات المهنية ومنظمات المجتمع المدني التربويّة وهو إعادة
إحياء المجلس الأعلى للتربية وتفعيله بصورة عمليّة تقطع مع تجاربه
الصوريّة السابقة وتجعل منه الإطار الأمثل فعليّا الذي توكل إليه مهمّة
الإشراف على كل ما يتعلق بالشأن التربوي الوطني والنهوض باستحقاقات تطوير
منظومته العمومية وتعصيرها وإخراجها من واقع الأزمة المطبقة عليها راهنا.

وصرح السيد كمال الميساوي رئيس الائتلاف التربوي التونسي ل “الصحافة
اليوم” أن هذا المرسوم يعد الإطار القانوني المجسّد لما نصّ عليه الفصل
135 من دستور 25 جويلية 2022 الذي أوكل إلى هذا المجلس مهمة “إبداء الرأي
في الخطط الوطنية الكبرى في مجال التربية والتعليم والبحث العلمي
والتكوين المهني وآفاق التشغيل” حيث تضمّن بالإضافة إلى تعريفه باعتباره
هيئة دستورية استشاريّة تتمتع بالشخصية القانونية والاستقلالية المالية
تحديدا لتركيبته وتفصيلا لمهامه وطرق تسييره.

وأضاف: لئن يعتبر الائتلاف التربويّ التّونسيّ صدور هذا المرسوم خطوة من
السلطة السياسيّة في اتجاه تركيز هذا المجلس الموعود إلّا أنّه لا يفوته
في قراءة أوّليّة لما تضمّنه من أحكام وتراتيب قانونيّة أن يبدي تجاهه
جملة من الملاحظات أهمّها: عدم ارتقاء هذا المجلس بصورته التي وردت بنص
المرسوم إلى مستوى الانتظارات التي كانت معلقة عليه سواء من خلال مواصفات
استقلاليته أو على مستوى تركيبته حيث اقتصرت رئاسته على السلطة التنفيذية
فحسب ممثلة في سبع وزارات من بينها وزارة الشؤون الدينيّة مع استثناء بعض
الوزارات التي كانت متواجدة صلب المجالس العليا المحدثة سابقا على غرار
وزارتي الصحة والفلاحة بما يشي باستمرارية تصور السلطة له كهيئة حكومية
من هيئاتها التنفيذية الرسمية وهو ما يجعله عرضة إلى التأثيرات السياسية
والفكرية المرتبطة بالسلطة القائمة ولا يضمن ديمومة برامجه ومشاريعه أو
استقلالية توجهاته.

ومن النقاط الاخرى التي يجب مراجعتها هي دورية رئاسة هذا المجلس
وإسنادها إلى الوزراء المباشرين دون سواهم وهو ما يعمق خطر المساس من
ديمومة نفس السياسات أو التوجهات التي تبقى رهينة تحوير وزاري قد يحدث
أكثر من مرّة في حيز زمني قصير وتبقي توجهات هذا المجلس مرهونة بتغير
الحكومات والسياسات وهو ما سيهدد استمرارية عملية الإصلاح.

– عدم وضوح المقاييس المعتمدة في اختيار أعضاء الهيئات الثلاث واستعمال
مفاهيم مبهمة من قبيل ذوي الكفاءة / ذوي الخبرة / المشهود لهم… ودون
تدقيق الجهة المسؤولة عن اختيارهم.

– غياب تمثيليّة منظمات المجتمع المدني صلب هذا المجلس واقتصارها في ما
يخص النقابات المهنية على ممثل وحيد لا ثقل له عدديّا ( 1/16) مع حصر
تواجده في الهيئة العليا فحسب وتقييد مجال تدخله في ما هو نقابي فحسب وهو
ما يعني احتكار السلطة السياسية لحق ضبط الخيارات والمضامين والتوجهات
والسياسات التربوية دون تشريك أي جهة خارجة عنها متجاهلا الدور التاريخي
لنقابات التربية والاتحاد العام التونسي للشغل وأثرها الإيجابي في كل
الإصلاحات التربوية السابقة وحتي في المسار الحالي منذ الثورة إلى الآن
إضافة لتمثيليتها لغالبية العاملين في قطاع التربية.

إن هذه الملاحظات هي مجرد عينة من المآخذ التي شابت المرسوم المتعلق
بتنظيم المجلس الأعلى للتربية والتعليم والتي قد تمثل عائقا حقيقيا يحول
دونه وأن يكون مجلسا أعلى تشاركيا كما طمح إلى ذلك من انتظر الشروع
الفعلي في بعثه على أرض الواقع حتى تشهد منظومتنا التربوية انطلاقة مرحلة
إصلاحها وإعادة اعتبارها وجعل الملف التربوي مشغلا مواطنيا يسمو فوق كل
التجاذبات الظرفية ولا يخضع إلى توازناتها ومتغيّراتها.

لذلك يدعو الائتلاف التربوي التونسي: إلى مراجعة هذا الأمر بما يعطي
المجلس الاستقلالية والتوازن والفاعلية المطلوبة حتى يقوم بالدور الذي
تتطلع إليه المجموعة الوطنية في تركيز إصلاح تربوي شامل ينتشل المنظومة
التربوي مما أصابها من ترهل وضعف ويثبت أسسا قوية لتعليم عمومي مجاني
مجانية حقيقية قائم على تكافؤ الفرص متطور ودامج لكل الفئات.

وندعو المجتمع المدني والمنظمات الوطنية المهنية والحقوقية إلى تعميق
الحوار داخلها من أجل بلورة مقترحات بناءة لتطوير هذا الامر بما يضمن
مشاركة فاعلة ومتوازنة للجميع وممارسة مختلف أشكال الضغط القانونية
لتحقيق ذلك.

وندعو مجلس النواب وأعضاء لجنة التربية إلى ممارسة دورهما في إدراج
التنقيحات الضرورية على هذا الأمر وعدم إضاعة فرصة تاريخية من أجل تحقيق
مكسب وطني تربوي كان وسيظل أحد اهم الأسس التي يمكن أن يقوم عليه إصلاح
تربوي شامل ومستدام.

ناجية المالكي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى