محمد علي عقربي :جماهير تونس تفوقت على نخبها..

في أحضان البحر الأبيض المتوسط، تختبئ تونس، البلد
‎الجميل بتاريخها العريق وحضارتها الغنية، ولكنها اليوم تواجه تحديات كبيرة تهدد بأن تضيع وسط الضباب السياسي والاقتصادي والاجتماعي الذي يكتنفها. لكن في عتمة الليل، تتلمع شمس الأمل بفكرة تستدعي نفسها و بقوة، فكرة “لابد أن ننهض من جديد”.
‎لقد تعبت الأمة التونسية من الصراعات الدائرة و الوعود الزائفة، ولكنها لم تتخلى عن الأمل بتغيير جذري يعيد لها هيبتها ويعيد لشعبها رفاهيته وكرامته ، فلم تبخل الجماهير نخبها يوم ، فمتى طلب منها النفير لفائدة المصلحة العامة لم تتردد لحظة لتقديم التضحيات بداية من مقاومة المستعمر مرورا ببناء الدولة الوطنية فثورة الخبز ففرض الديمقراطية و حربه على الإرهاب ، و مع كل هذا لم يستدعي أحد يوم حاجيات هذه الجماهير لطاولته و حل مشاكلهم بصفة شاملة ، و قد يستدعي هذا الأمر تغير في تعامل الجماهير مع نخبهم فقد تتجه نحو أخذ زمام الأمور بيده ، فتفوق الشعوب على نخبها السياسية في القرار السياسي هو ظاهرة تاريخية شهدتها العديد من الدول عبر التاريخ، حيث أظهرت الشعوب قدرتها على تغيير الأنظمة السياسية وتحقيق التقدم والتغيير و يُعتبر التاريخ الفرنسي مثالاً بارزاً على هذه الظاهرة، حيث رفع الشعب سقف المطالب عن نخبه، من نظام ملكي معدل إلى إسقاط الملكية و نجح في ذلك.
‎لقد رفع الشعب النقاب عن وجهه، ليكون نفسه صانعًا لتاريخه وقادرًا على تحقيق الفرق الحقيقي في مصيره. إنه الشعب الذي أظهر قدرته على تجاوز العقبات وتحقيق الإنجازات، وهو اليوم يقف مجددًا أمام تحدٍ جديد، يطالب بميلاد جديد يحقق له العدالة والكرامة التي طالما حلم بها.
‎إن التغيير الشامل هو السلاح الأقوى الذي يمكن أن يساهم في إحداث تحول جذري في مسار الأمم، وتونس ليست استثناءًا. إنها الفرصة لإعادة بناء البلاد على أسس ديمقراطية وعادلة، وتحقيق توازن جديد بين الحكومة والشعب، ليكون كل فرد جزءًا فاعلاً في بناء مستقبل أفضل للجميع.
‎فلنتحد معًا، شعباً ونخبة، لنخطو خطوات حاسمة نحو تحقيق الميلاد الجديد، لنصنع التاريخ بأيدينا، ولنجعل من تونس مثالاً للتحول الحقيقي والنهضة الشاملة.

مقالات ذات صلة