كائنات مسكينة(poor things): رحلة سريالية لكشف حقيقة الروح والذات

تتمحور قصة فيلم “كائنات مسكينة” حول امرأة شابة (إيما ستون)، تقوم بمحاولة انتحار ويتم انقاذها من قبل طبيب غريب الأطوار  يدعى”جودوين باكستر” (ويليم دافو) ويعيدها إلى الحياة من خلال  اجراء عملية  يستخدم فيها مخ جنينها فتعبعث من جديد على هيئة شخص جديد ممزوج بين جسد المرأة وعقل الطفل
وتدور احداث الفيلم في القرن التاسع عشر في لندن.
والفيلم من إخراج المخرج اليوناني الكبير يورغس لانثيموس. رُشح الفيلم لـ328 جائزة، وفاز في 63 منها، مثل “البافتا” و”اختيارات النقاد”، و”مؤسسة شيكاغو”، و”جولدن غلوب” وغيرها.
يستعين “جودوين”بأحد طلابه في شاب يدعى “ماكس ماكاندلز” (رامي يوسف) ليساعده على تأهيل سلوك بيلا  فيتقرب منها وبكن لها مشاعر  الا أنها تتركه وتهرب مع  “دنكان ويديربوم” (مارك روفالو) في رحلة تكتشف من خلالها العالم وتجوبه شرقا وغربا.

رحلة بيلا: عالم سريالي عنيف وغريب الاطوار:
تغلب على الفيلم مشاهد جنسية عنيفة ومشاهد دموية وكائنات مجهولة المهية وغريبة الاطوار الامر الذي نجده مبررا لأن الفيلم هو فيلم فانتازيا وخيال علمي بالأساس يسعى خلاله المخرج دوما إلى تغريب المشاهد عن الواقع .
تخرج بيلا إلى العالم الخارجي فتبدأ باكتشاف أغواره وتتعرف على الجنس والرغبة والحب والمصلحة والكذب والاستغلال من خلال قيامها بعلاقات متعددة مع عديد الاشخاص الذي اعترضوا رحلتها.

العالم بعيون امراة تبلغ ثلاث سنوات:
يكمن “سينوبسيس” الفيلم بالأساس في سؤال بسيط ألا وهو “ماذا لو نظرنا إلى العالم بعين طفل يبلغ ثلاث سنوات” ؟
فأراد مخرج العمل أن ينقد العالم ويعري كذبه ونفاقه على لسان بيلا الطفلة التي لا تعرف الكذب والتزويق .

العلاقة بين الشخصيات: بين النفعية والانسانية:
تعد العلاقات في الفيلم في أغلبها مزيج بين النفعية والمشاعر الانسانية فنجد العلاقة بين بيلا وجودوين علاقة يمكن ان يراها البعض بمثابة العلاقة بين الخالق والمخلوق،علاقة عامودية فهي تلقبه بالرب او الخالق نظرا لما فعله ليعيدها إلى الحياة من جديد لكنها لا تخلو من العاطفة وصدق الشعور فهي الوحيدة التي تقبلته كما هو وهو الذي طالما سعى إلى حمايتها.
كما تبدأ العلاقة بين بيلا وعشيقها  بنوع من العاطفة والشهوة ثم يشوبها الاستغلال والنفعية الامر الذي جعلها تتركه وتكمل رحلتها بمفردها.
كما نذكر العلاقة بين بيلا وماكاندلز الذي كانت في بدايتها علاقة عاطفية ثم يتخللها فجأة الانتقاد والعقلانية.

الحوار: من المعنى إلى العبث
تطور الحوار  من للامعنى (العبث) ، اللغة الطفولية المتلعثمة إلى الحوار ذو المعنى والدلالة ثم المونولوغ الذي يتكن من خلال الشخوص من التعبير عن ما يجول في بواطن من صراعات نفسية وتساؤلات فلسفية .

موسيقى تصويرية تتناغم وواقعية الاحداث:
توحي الموسيقى التصويرية بأجواء القلق والريبة التي تشوب بواطن الشخصيات فهي لا أكثر من بضع أصوات تتكرر على شكل لوب بين فترة واخرى.
كما تتحد مكونات الصورة (ديكورات داخلية وخارجية، وملابس وأضواء وكتابة عناوين الفصول على طريقة فصول الرواية الخيالية، كلها عناصر تتحد تجرد الفيلم

اداء خرافي لايما ستون:
يعد أداء “ايما ستون”الأفضل في مسيرتها الفنية فقد أثبتت بتقمصها لهذه الشخصية أنها ممثلة من العيار الثقيلة قادرة على لعب أصعب الأدوار المركبة فكانت محور الفيلم أو بالأحرى كانت هي الفيلم    فخطفت الأضواء من بقية الممثلين رغم حرفيتهم .

يخلق المخرج في هذا الفيلم عالما فلسفيا مخضرما شديد الخصوصية لا يخلو من الكوميديا والرومانسية والتراجيديا الامر الذي جعل من فيلم “poor things” من أفضل أفلام العالم في الوقت الراهن..
بقلم:مريم مرايحي

مقالات ذات صلة